قوله عز وجل: {وَإِنّ مِنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} فيه قولان:أحدهما: يعني الحمى والمرض، قاله مجاهد. روى أبو هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحْابه فيه وعك وأنا معه، فقال رسول الله: «أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: هِي نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي المُؤْمِنِ لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ» أي في الآخرة.الثاني: يعني جهنم. ثم فيه قولان:أحدهما: يعني بذلك الكافرين يردونها دون المؤمن؛ قاله عكرمة ويكون قوله: {وَإِن مِّنْكُمْ} أي منهم كقوله تعالى: {وَسَقَاهُم رَبُّهُم شَرَاباً طَهُوراً} ثم قال: {إِنَّ هذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً} أي لهم.الثاني: أنه أراد المؤمن والكافر. روى ابن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «الزَّالُّونَ وَالزَّالاَّت يَومَئذٍ كَثِيرٌ» وفي كيفية ورودها قولان:أحدهما: الدخول فيها. قال ابن عباس: ليردنها كل بر وفاجر. لكنها تمس الفاجر دون البر. قال وكان دعاء من مضى: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة عالماً.والقول الثاني: أن ورود المسلم عليها الوصول إليها ناظراً لها ومسروراً بالنجاة منها، قاله ابن مسعود، وذلك مثل قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَآء مَدْيَنَ} [القصص: 23] أي وصل. وكقول زهير بن أبي سلمى:ولما وردن الماء زُرْقاً جِمامُه *** وضعن عِصيَّ الحاضر المتخيمِويحتمل قولاً ثالثاً: أن يكون المراد بذلك ورود عرضة القيامة التي تجمع كل بر وفاجر:{كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} فيه تأويلان:أحدهما: قضاء مقتضياً، قاله مجاهد. الثاني: قسماً واجباً، قاله ابن مسعود.