سورة مريم - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


قوله عز وجل: {وَإِنّ مِنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} فيه قولان:
أحدهما: يعني الحمى والمرض، قاله مجاهد. روى أبو هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود رجلاً من أصحْابه فيه وعك وأنا معه، فقال رسول الله: «أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: هِي نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي المُؤْمِنِ لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ» أي في الآخرة.
الثاني: يعني جهنم. ثم فيه قولان:
أحدهما: يعني بذلك الكافرين يردونها دون المؤمن؛ قاله عكرمة ويكون قوله: {وَإِن مِّنْكُمْ} أي منهم كقوله تعالى: {وَسَقَاهُم رَبُّهُم شَرَاباً طَهُوراً} ثم قال: {إِنَّ هذَا كَانَ لَكُم جَزَاءً} أي لهم.
الثاني: أنه أراد المؤمن والكافر. روى ابن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «الزَّالُّونَ وَالزَّالاَّت يَومَئذٍ كَثِيرٌ» وفي كيفية ورودها قولان:
أحدهما: الدخول فيها. قال ابن عباس: ليردنها كل بر وفاجر. لكنها تمس الفاجر دون البر. قال وكان دعاء من مضى: اللهم أخرجني من النار سالماً، وأدخلني الجنة عالماً.
والقول الثاني: أن ورود المسلم عليها الوصول إليها ناظراً لها ومسروراً بالنجاة منها، قاله ابن مسعود، وذلك مثل قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَآء مَدْيَنَ} [القصص: 23] أي وصل. وكقول زهير بن أبي سلمى:
ولما وردن الماء زُرْقاً جِمامُه *** وضعن عِصيَّ الحاضر المتخيمِ
ويحتمل قولاً ثالثاً: أن يكون المراد بذلك ورود عرضة القيامة التي تجمع كل بر وفاجر:
{كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً} فيه تأويلان:
أحدهما: قضاء مقتضياً، قاله مجاهد. الثاني: قسماً واجباً، قاله ابن مسعود.


قوله عز وجل: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَاماً} فيه وجهان:
أحدهما: منزل إقامة في الجنة أو النار.
والثاني: يعني كلام قائم بجدل واحتجاج أي: أمّن فلجت حجته بالطاعة خير أم من دحضت حجته بالمعصية، وشاهده قول لبيد:
ومقام ضيق فرجتهْ *** بلساني وحسامي وجدل
{وَأحْسَنُ نَدِيّاً} فيه وجهان:
أحدهما: أفضل مجلساً.
الثاني: أوسع عيشاً.
ويحتمل ثالثاً: أيهما خير مقاماً في موقف العرض، من قضى له بالثواب أو العقاب؟
{وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} منزل إقامة في الجنة أو في النار، وقال ثعلب: المقام بضم الميم: الإِقامة، وبفتحها المجلس.
قوله تعالى: {أَثَاثاً وَرِءْيَاً} فيه أربعة أوجه:
أحدها: أن الأثاث: المتاع، والرئي: المنظر، قاله ابن عباس. قال الشاعر:
أشاقت الظعائن يوم ولوا *** بذي الرئي الجميل من الأثاث.
الثاني: أن الأثاث ما كان جديداً من ثياب البيت، والرئي الارتواء من النعمة.
الثالث: الأثاث ما لا يراه الناس. والرئي ما يراه الناس.
الرابع: معناه أكثر أموالاً وأحسن صوراً.
ويحتمل خامساً: أن الأثاث ما يعد للاستعمال، والرئي ما يعد للجمال.


قوله تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوُاْ هُدىً} فيه وجهان:
أحدهما: يزيدهم هدى بالمعونة في طاعته والتوفيق لمرضاته.
الثاني: الإِيمان بالناسخ والمنسوخ، قاله الكلبي ومقاتل، فيكون معناه: ويزيد الله الذين اهتدوا بالمنسوخ هدى بالناسخ.
ويحتمل ثالثاً: ويزيد الله الذين اهتدوا إلى طاعته هدى إلى الجنة.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10